هناء الحمادي (أبوظبي)

عشقت الصحراء منذ نعومة أظفارها، تربطها علاقة قوية بالإبل بمزرعتها التي توجد في عزبة الوافية جنوب إسطبلات قرية بوذيب، تخاطبهم بلغة خاصة من خلال الإشارة والأصوات التعبيرية، حيث تنادي كل واحدة منهم باسمها، فهناك «الهاملية، وهملولة، وغيوم»، وعلى الرغم من أنها لم تنل حظها من التعليم إلا أن ثقتها بنفسها جعلتها أول إماراتية مالكة إبل، حيث أدهشت الجميع بمشاركتها في سباقات الهجن و«المزايين»، هي لم تأت إلى «العزبة» أو مزرعتها لتستريح، بل لديها عمل شاق ومهام كبيرة للعناية بالإبل.
وكانت هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة قد أطلقت حملة ترويجية جديدة بعنوان «سلسلة حكايات استثنائية»، حيث تم إعداد بعض الأفلام استناداً على حكايات ملهمة من واقع الحياة «في أبوظبي». ‏وخصت الهاملي بالفيلم الأول الذي يروي حكايتها ويحمل عنوان «سفيرة الأصالة»، ويتحدث عن بداياتها وعشقها لعالم الإبل كأول إماراتية تقتحم منافسات ومسابقات مزاينة الإبل.

«أخت الرجال»
«أنا أخت الرجال».. هكذا عبرت فاطمة الهاملي، كامرأة اقتحمت مجالا قد يكون حكرا على الرجال، لكن حبها للإبل منذ كان عمرها 5 سنوات، واكتساب الخبرة من والدها، دفعها لدخول مجال اقتناء الإبل.
وتقول الهاملي «أنا ابنة الصحراء، أعشق رمالها وترابها، فأينما نصبت خيمتي تحولت إلى قِبلة لمحبي الأبل ولاستقبال السياح والضيوف حيث عُرف عني حسن الاستقبال وكرم الضيافة، وقد ترعرعت في أسرة تعشق وتمارس تربية الإبل في منطقة ليوا بأبوظبي، فاكتسبت الكثير من الخبرة والمهارة لأملك منذ 2011 وحتى اليوم ما يقارب من 55 من الإبل، وبدأت اقتحامي لهذا العالم بمشاركتي في مسابقات «مزاينة الإبل» في مزاد الوثبة لأثبت للجميع أني امرأة استثنائية قادرة على تحدي الرجل في المزادات ومسابقات الهجن وغيرها.
وتضيف «الحياة علمتني الكثير، فطموحي وعشقي للإبل وعنايتي بمزرعتي كان كفيلا بأن أشارك في مزادات ومزاينة الإبل، إيمانا بأن القيادة الرشيدة تولي كل الاهتمام والرعاية بالمرأة الإماراتية في المجالات كافة، فالتحدي والإصرار بداخلي دفعني لمقارعة الرجال، مؤكدة شعار «بنت الرجال تتحدى الرجال» والحمد لله نجحت في ذلك، بفضل نصيحة والدي التي لم أنسها حيث قال لي: «الإبل إذا حلبت روت، وإذا نحرت أشبعت، وإذا حملت أثقلت، وإذا مشت أبعدت، وإذا عشقت أوفت». لافتة إلى أنها لديها خبرة كبيرة في معاجة الإبل إن مرضت وحلبها وكيها أي «وسمها».

الاعتناء بالإبل
وتبدأ رحلة رعاية الهاملي للإبل في الساعة 6:30 صباحا، وتقول «رعاية الإبل تتطلب الكثير من الاهتمام، ليس فقط توفير الماء والطعام، بل هناك الكثير من التفاصيل التي أقوم بها يوميا، مثل إضافة خلطة خاصة من زيت الخروع وزيت الزيتون والنارجيل وكوب من الحلبة وكوب من الحبة السوداء ويتم خلطها لتدهن بها الإبل وذيلها، وتلك الخلطات تمنح جمالا وقوة للإبل، وبعد دههنها يتم عمل «عقوص» لذيل الإبل، وتعني «ضفائر» وبعد يومين يتم تمشيط وتنظيف الإبل بالشامبو لحمايتها من الأوساخ والجراد، استعدادا للدخول في مسابقات المزاينة، ولذلك لابد من تهيئتها وإكسابها قدرات تساعدها على تحقيق المراكز الأولى وبذلك ترتفع أسعارها، ويتوافد ملاك الإبل للحصول على نسلها حتى بعد مرور سنوات عدة.

مسابقات وجوائز
حصلت فاطمة الهاملي على المركز الأول في مزاد الوثبة خلال مشاركتها الأولى، وحازت المركز الثاني في سباقات مدينة زايد وسويحان والظفرة، من خلال البكرتين «الطيارة»، و«زعفرانة»، كما حصلت على المركز الثاني في مزاينة الأصايل ببكرة اسمها «الزعيمة»، كذلك شاركت في «مزاينة الإبل» بمهرجان سلطان بن زايد التراثي 2014، لإظهار الدور الفاعل للمرأة الإماراتية في حفظ الموروث وتوثيقه.

«زعفرانة» و«زعيمة»
«شيخة الهاملية»، إحدى الإبل التي لها مكانة كبيرة في حياة فاطمة الهاملي، حيث تطعمها الحليب والعسل والدبس بشكل يومي للمحافظة على جمالها وطول ذيلها، وقد شاركت بها بمسابقات عدة، بالإضافة إلى «مبروكة» و«زعفرانة» و«زعيمة» و«سرابة»، وهذه الإبل بمجرد ندائها لها تستجيب وتلتف حولها وتتمسح بها.